لفتة صوب النجاح
بقلم: خالد البلتاجي
حسن الصلة بالله واللجوء إليه وحده جل شأنه وليس إلى الأسباب هو على الإطلاق أكبر وأهم عوامل النجاح والرزق بمعناه الشامل في البيت والعمل والدعوة وفي كل المجالات..
فحينما يرى الله منا شيئًا من صدق اللجوء إليه، تتفتح أبواب للنجاح والرزق قد لا يتخيلها صاحبها؛ بأقل أسباب أو حينما تنعدم الأسباب، وصدق الله: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (الطلاق).
لقد رأيت ذلك يومًا بأم عيني وعشته بكل كياني، عندما ابتليت يومًا بما حبسني عن الأسباب؛ فالتجأت إلى باب الكريم وحده مهملاً الأسباب رغمًا عني، وعندما استغرقني هذا الاتجاه وتوغلت فيه بعض الشيء؛ رأيت العجب العجاب من فيوضات الرزق والتوفيق، فضلاً عن فيوضات السكينة والرحمة، ولست مازحًا إن قلت إن هاجسي تمنى لحظة أن يطول بي ابتلاء الحبس ابتغاء المزيد، غير أنني استحييت أن أسأل الله ذلك مخافة الاستهانة بابتلائه إياي.
لقد اكتشفت عمليًّا- وليس في متون الكتب- أننا نقف على باب كبير مفتوح على مصراعيه، يؤدي إلى كنز ثمين رهيب عميق الأغوار ليست له نهاية، فإذا بنا نقضي أعمارنا ننحت في الصخر لفتح أبواب أخرى ضيقة لا تجلب إلا الفتات..
أعجب كيف تشغلنا الأسباب عن الهرع إلى المسجد عند سماع النداء!! فأي فرج ننتظره؟ وممن؟ وكيف يخلو اليوم من ساعة خلوة دامعة لا يشغلنا عنها شاغل؟
وفي العمل الدعوي أين بذل الوقت والجهد والتفاني في العمل قبل بذل الحناجر في نقد وتوجيه إخواني؟ وأين إخلاص النصح لهم دون إصرار أو تخاذل ودون مجاملة أو تحامل ودون مراعاة لرضا أو عدم رضا أحد غير الله؟ نصحٌ ظاهره كباطنه، واضح غير ملتوٍ، خالص غير مشوب، وإن بدا في هذه الشفافية تفويت للمصالح وإهمال للأسباب.
وفي العمل المهني.. أين أخلاق التاجر الصدوق الذي يبالغ في الصدق مهما تأثر العائد وفقًا لحسابات البشر؟
بالجملة فإن فعل ما يرضي الله وترك ما يغضبه في كل موقف وعمل وقول بل وهاجس؛ أيًّا كانت النتائج المتوقعة، هو لب ما قصدت، ولربما ذلك بعض من ظلال قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) (الأعراف: من الآية 96).
وبعض ما عناه صلى الله عليه وسلم: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله.